• الفلاتر

إن أصدق و أطيب و أفضل وخير كلمة قالها الإنسان هي كلمة التوحيد : لا إله إلا الله ، وإن أخبث و أسوأ وشر وأكذب كلمة قالها الإنسان هي كلمة الشرك : الآب والابن والروح القدس .

فإننا في زمن ارتبط فيه الناس بالمصالح، واختلط المسلمون بالكفار في بلاد الكفر وبلاد الإسلام .

وحين يرى المسلم في هذا الزمن عودة كثير من المسلمين إلى الله، وانتماء كثير من شباب الأمة إلى التدين، وحب الالتزام بالكتاب والسنة وتحكيمهما، يفرح بذلك ويؤمل النصر القريب لأمة الإسلام على أعدائها.

لكننا حين نرى ما يحدثه كثير من شباب المسلمين في بلادهم أو في بلاد الكفر من تصرفات شائنة، كالتفجير والقتل والاغتيال، نحزن أيما حزن لأن ذلك سبب ظاهر في القضاء أو الإضعاف للدعوة إلى الإسلام .

وما هذا المسلك إلا لانهدام أساس مهم من أسس الالتزام بالكتاب والسنة وتحكيمهما، وهو كراهة ما يضادهما من البدع والضلالات واتباع الأهواء .

فالذي نشهده اليوم من تلك الأفعال هو نتيجة انهدام ذلك الأساس؛ حيث قد يتصور أصحاب ذلك المسلك أن فعلهم نصر للإسلام والمسلمين، وهو في الحقيقة هدم للإسلام وتقويض لوحدة المسلمين ، لأنه من أفعال الخوارج الذين كانت أفعالهم بداية اختلاف المسلمين وفرقتهم .

فما نسمعه من كثير من شباب الأمة عن أهمية تحكيم الكتاب والسنة، ورفض تحكيم القوانين المخالفة لشرع الله، ومعاداة من حكم بغير ما أنزل الله، كل ذلك أمر يتفق عليه المسلمون جميعاً . لكن ينبغي أن يكون ذلك مصحوباً بالأساس المهم، وهو كراهة ما يضاد تحكيم  الكتاب والسنة من سلوك طرق البدع والضلالات واتباع الأهواء .

ولا شك أن الحكم بالكفر على من لم يثبت الحكم عليه، واستحلال دم المسلم أو المعاهد من غير حق، من أعظم تلك الضلالات التي تموج اليوم في العالم الإسلامي .

وقد يظن كثير من شباب الأمة أن ذلك من باب البراء من الكفار وجهادهم .

وربما علق بأذهانهم لتأييد هذا الظن شبهات ظنوا أنها دلالات؛ كفهم مسائل التكفير، أو مسائل الولاء والبراء، بعيداً عن فهم سلف الأمة لذلك.

ومن هذه المسائل فيما يظهر لي هذه المسألة، التي سألقي عليها الضوء بما يسر الله لي وهي ( تحديد بلد الكفر والتعامل مع الكافرين ) .

من أجل سـور القرآن سورة الكوثر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية([1]) -رحمه الله-: سورة الكوثر، ما أجلها من سورة؟ وأغزر فوائدها على اختصارها ([2]).

وقد اشتملت هذه السورة على معاني التوحيد والعقيدة بأوجز عبارة.

ولأجل اشتمال هذه السورة العظيمة على بعض مباحث العقيدة المهمة بأوجز عبارة، رأيت من المهم بحث المسائل العقدية الرئيسة الواردة في هذه السورة

 

([1])  هو أحمد بن عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن علي، الشيخ الإمام تقي الدين أبو العباس ابن تيمية، ولد سنة 661هـ وتوفي سنة 728هـ. ينظر: تذكرة الحفاظ، للذهبي 4/278،وفوات الوفيات للكتبي1/35 والبداية والنهاية، لابن كثير 18/295،  والبدر الطالع 1/63، ومعجم المؤلفين 1/163.

([2])  التفسير الكبير 7/45.

مسألة الجهل بمسائل العقيدة : هل يكون عذراً فيرتفع به الإثم والعقوبة، أم لا يكون كذلك؟ من المسائل التي يدور حولها اللغط والكلام كثيراً، وقد صارت هذه المسألة مسارَ جدلٍ أدى إلى وقوع التشاحن والتباغض والتهاجر والتقاطع، حتى بين أهل المنهج الواحد من أهل السنة، وذلك بسبب عدم العلم بمراتبها من الدين؛ هل هي من مسائل الأصول التي يُضلّل بها المخالف، أم هي من مسائل الفقه الفرعية التي تكون بحسب اجتهاد القائل؛ فلا يقع فيها تبديع أو تفسيق؟ وهذا ما سنقرره إن شاء الله قريباً.

فلأهمية بيان ذلك أحببت الإسهام في توضيح هذه المسألة بقدر المستطاع، والله يرحم ضعفنا وتقصيرنا.