وإذا كان الإنسان قلّ أن ينفك فعل من أفعاله من حظ من حظوظ النفس وشوائبها( )، فكان من المهم أن تكون أحكام تلك الشوائب معلومة إذا اتصلت بالعبادات، خاصة وقد كثر في زماننا السؤال عن أحكامها، فتجد من الناس من يصلي، أو يصوم، أو يقرأ القرآن، أو يقرأ بعض سوره، أو يقرأ سورة معينة، أو يكررها، أو يستغفر ويكثر الاستغفار؛ رجاء حصول مطلوب له من مطالب الدنيا، من زواج، أو ولد، أو مال، ونحو ذلك.
ولأهمية ما تقدم، ولاتصاله بأعظم الأصول، وأساس العبادة، ورأس الإسلام: الإخلاص لله رب العالمين، وما يترتب على ذلك من قبول العمل أو رده، فقد جرى تحرير الكلام على ما يتصل بمسائل موضوع الدراسة
يعيش عالمنا الإسلامي اليوم في ظروف مأساوية تشمل جميع مناحي الحياة السياسة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, وما ذاك إلا أن الأمة أىَّ أمة تفقد مكانتها بالتخلي عن عقيدتها ومبادئها وتصبح أمة معرضة للذل والهوان والعيش على هامش الحياة, مطمعاً للطامعين والطغاة المستبدين الذي يعيشون على أشلاء الشعوب، وأصبحت أمة الإسلام مع الأسف تجري وراء عدوها مستمسكة بحباله, لاهثة وراء السراب الخادع, تأخذ أنظمته فتطبقها، وتحمل أفكاره وتروجها, وتقلده في كل شاردة وواردة, اعتقاداً منها أن هذه هي سبيل الخلاص والنجاح فتراها تخرج من مأزق إلى مأزق أكبر منه, تتوالى عليها المصائب والنكبات في الاعتقاد والسياسة والاقتصاد, وهي لا تدري ماذا يراد بها ولها, تلهث وراء عدوها تستأنس برأيه وتحتكم إلى شرعته ومنهاجه.
فإنّّ ((ولاية الفقيه)) من أهم العقائد الشيعية التي ذاعت في زمننا المعاصر، حيث رجا منها بعض الشيعة أن تسهم في سدِّ الفجوات العميقة التي تلاحق عقائدهم أينما حلوا؛ وذلك لأنّ كثيراً من أصول الشيعة ((تتميز بأنّها وليدة الحاجة، فكلما ضاقت بهم السبل في ضلالاتهم، اخترعوا عقيدةً تلمُّ شعثهم، وتجمع شتاتهم، وتؤمِّن البقاء والاستمرار لدعاويهم الزائفة ومصالحهم الكثيرة))
إذا نظرنا إلى تراث الصوفية ولاسيما الغلاة منهم ، فإننا نجد الحال يختلف لا من جهة الاهتمام بالخوارق، ولا من جهة الخروج بالولاية نفسها عن المعاني الشرعية، حيث أدخلوا فيها أموراً جديدة لا علاقة لها بالمعاني التي تفيدها كلمة «ولي الله » في القرآن والحديث، بل إنها تتمحور حول خدمة أغراض أخرى مثل تقديس أشخاص معينين إما من آل البيت، أو من متصوف يرجعون نسبه إلى آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم , لاستعطاف الناس واستغلالٍ لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وآله في قلوب الناس ، وإذا كان هذا في الأصل قد نشأ على أيدي الشيعة فقد امتد إلى الصوفية التي نبتت في أول أمرها في بيئة شيعية من أرض فارس والعراق حتى صار الكثير من المصطلحات الشيعية دارجة في كلام المتصوفة بنفس المعاني والدلالات، كالعصمة والحفظ ، وكذلك خرق العادة الخاص بالأولياء وحدهم كما هو للأئمة عند الشيعة ، حتى صارت كلمة «ولي» أو إمام ، أو «أولياء» في الإطلاق العام تعني رجال التصوف أو الشريف أو السيد المنتسب إلى آل البيت