إن العقيدة هي الأساس الذي يقوم عليه بنيان الأمم، فصلاح كل أمة ورقيها مرتبطان بسلامة عقيدتها، وسلامة أفكارها.
كما أن الابتداع في الدين من أخطر الأمور، وأشدها ضرراً على الفرد والمجتمع؛ لما في ذلك من انحراف عقدي، وانحطاط اجتماعي، ولما في البدع من مفاسد وشرور وضلال.
ولقد هيأ الله الملك عبدالعزيز – يرحمه الله – بما آتاه من عقل وحكمة وحنكة أن يوحد الجزيرة، ويلم شتاتها، ويقيم كيانها على التوحيد الخالص، ونشر المعتقد الصحيح، والقضاء على البدع المنتشرة، والشرك الفاشي في بعض أنحاء الجزيرة؛ فجعل من كلمة التوحيد شعاره ومنطلقه، وكانت النتيجة أن مكّن الله له في الأرض، أن يحمي حمى التوحيد من كل ما يخالفه، ويزاحمه من عقائد، وعادات، وأعراف، ومظاهر.
ولقد ورد عن الملك عبدالعزيز نقولات كثيرة؛ من أقواله وخطبه ورسائله، كلها تبيّن مدى حرصه على التحذير من البدع في الدين. ولم يترك مناسبة تمر إلا واغتنمها في سبيل حث الناس على نبذ جميع ما خالف العقيدة، من بدع وخرافات، وقد استفاضت خطبه وأقواله، وسُجلت في كل محفل، وتناقلها الناس عنه، وهذه هي جهوده القولية في محاربة البدع. أما عن جهوده العملية في قمع هذه البدع والوثنيات فقد أمر – رحمه الله – بهدم الأضرحة والقباب المقامة على القبور، وأمر بهدم الأصنام، كما أصدر أوامر بإقفال الزوايا المنسوبة للطرق الصوفية، ومنع الاحتفال بالمواسم البدعية، والذكر الجماعي، وتعدد الجماعات في المسجد الواحد، وكان له كذلك جهود علمية تمثلت في إرسال العلماء وطلبة العلم إلى الهجر والبوادي، وأمر بالتعليم والدعوة في موسم الحج، وعقد الاجتماعات، وإجراء الحوارات، وإرسال الرسائل للعلماء والشيوخ، وأمره بطباعة الكتب ونشرها وتوزيعها.
وكان له – رحمه الله – أساليب شخصية في التعامل مع أخطاء الناس العقدية منها: المسارعة إلى تصحيح الخطأ وعدم إهماله، ومعالجة الخطأ ببيان الحكم، وإرشاد المخطئ مع تقديم البديل الصحيح، وتصحيح التصور الذي حصل الخطأ؛ نتيجة لاختلاله.
ومن خلال ما سبق تجلت بوضوح صور حرص الملك عبدالعزيز - رحمه الله – على محاربة البدع، ومقاومة الخرافات التي تنافي العقيدة، والقضاء على كل صور الابتداع في الدين.