جوانب التسامح الإسلامي مع غير المسلمين وموقف الكتابات الغربية المنصفة منه

المؤلف: د. رياض بن حمد بن عبد الله العُمَري جميع بحوث المؤلف

ملخص البحث
إنّ الجوانب الدّالةَ على سماحة الإسلام مع غير أهل ملته كثيرة جدًا في نصوصه المقدسة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ ومن وقائع السيرة النبوية وتاريخ المسلمين. وقد عرف ذلك المسلمون من خلال تدبرهم لهذه النصوص ومعرفتهم بهذه الوقائع، وشهد بذلك جماعات من غير المسلمين من خلال اطلاعهم على هذه النصوص أو تأملهم المنصف للحوادث التاريخية في تعامل المسلمين مع غيرهم.
لقد كثرت في هذا العصر الدعاوى في الغرب ضد تسامح الإسلام بوصفه دينًا ومنهجًا وسلوكًا، وخصوصًا في تعامله مع غير المسلمين، وهو ما يحتّم على أمة الإسلام التداعي لإبراز هذا الجانب في دينها وعقيدتها مع ذكر الشواهد عليه، بالإضافة إلى عرض المواقف الغربية المنصفة من آراء المتخصصين في دراسة الشرق وعلومه ممن اطلعوا على نصوص هذا الدين عن كثب وتأملوا في وقائع أحداثه التاريخية، فسجلوا شهاداتهم المنصفة حول التسامح الإسلامي مع غير المسلمين وردوا على من أنكر ذلك.
وهذا البحث مساهمة مختصرة في توضيح هذا الجانب من التسامح الإسلامي، أسأل الله تعالى أن ينفع به، وأن يرزقنا السداد والإخلاص في القول والعمل.
المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإنّ من مبادئ الإسلام العظيمة التسامحَ بمعنى الرحمة والتيسير والصفح، وكل واحدة من هذه المفردات وما شابهها قد جاء في نصوص القرآن الكريم ما يدل عليها، وفي سنته ﷺ وسيرته القولية والعملية ما يشهد لها حتى قال ﷺ في عبارة جامعة: «أفضل الإسلام الحنيفية السمحة»( )، أي التي لا ضيق فيها ولا حرج( ).
وقد شمل التسامح في الإسلام جوانبه كلَّها؛ سواء ما كان في التشريع والعقائد أو ما كان في جانب العلاقات بين المسلمين أنفسهم أو مع غيرهم والذي هو موضع بحثنا.
لقد تعرض الإسلام في القديم والحديث لهجمات مغرضة تقوم على أساس دعاوى تتهم دين الإسلام بعدم التسامح، من خلال الاعتداء والظلم في التعامل مع المخالفين له من أصحاب المعتقدات الأخرى، وقد روج لهذه الادعاءات في العصر الحديث بعضُ الدوائر الإعلامية في الغرب، وأسهم في تأجيجها بعضُ السلوكيات الخاطئة التي وقع فيها بعض المنتسبين للإسلام ونسبوها زورًا وبهتانًا للعقيدة الإسلامية.
ومن هنا فإنه يقع على عاتق أهل الإسلام إبرازُ هذا الجانب المتسامح من أحكام الدين وعقائده في التعامل مع المخالفين، وبيان شواهده الكثيرة والظاهرة من نصوص الكتاب والسنة، اللذَين هما المصدر الصحيح لفهم هذا الدين وتقييم مبادئه وأحكامه وعقائده، وهذا ما يصبو إليه هذا البحث رغم اختصاره، الذي يتضمن أيضًا شواهدَ تاريخيةً من واقع المسلمين تمثّل تطبيقًا صحيحًا لما أمر به الإسلام وجاءت به نصوصه من التسامح الديني، والعدل، والوفاء بالعهد، والتعايش الدنيوي مع غير المسلمين. كما يتناول بيان المواقف المنصفة في هذا الجانب من بعض العلماء الغربيين الذين درسوا الإسلام وحضارته ومبادئه، وتعاملات حكامه وأتباعه مع الطوائف غير المسلمة عبر حِقَبٍ تاريخية طويلة، وسجلوا آرائهم فيها بكل عدل وإنصاف، وهذه المواقف في الحقيقة تمثّل دعوة صادقة لكل من أراد أن يرى الإسلام على صورته الصحيحة إلى أن يرجع إلى مصادره المعتمدة، ويتجرّد في البحث عن الحق؛ ليجد صور التسامح الإنساني ظاهرة بينة ضمن التوجيهات الإسلامية في التعامل مع غير المسلمين، نسأل الله تعالى أن يري الجميعَ الحقَّ حقًا ويرزقهم اتباعَه ويريهم الباطلَ باطلًا ويرزقهم اجتنابَه.

 خطة البحث:
يتألف البحث من مقدمة وتمهيد وأربعة مباحث وخاتمة وفهارس، وذلك على النحو التالي:
- المقدمة، وتتضمن:
أهمية الموضوع وأسباب اختياره، وهدف البحث، ومنهجه، وخطته.
- التمهيد، ويتضمن:
مفهوم التسامح في الإسلام مع غير المسلمين وشواهده وضوابطه.
- المبحث الأول: التسامح الديني ونبذ الإكراه في الدين.
- المبحث الثاني: تحقيق العدل والإحسان.
- المبحث الثالث: الوفاء بالعهود والمواثيق.
- المبحث الرابع: التعايش الدنيوي.
- الخاتمة.
- الفهارس.

د. رياض بن حمد بن عبدالله العُمري