• الفلاتر

الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين؛ وبعد:

تتفاوت البلدان والأوطان شرفاً ومكانة وعلواً وحرمة ومجداً وتأريخاً، وتأتي المدينة النبوية، بلد المصطفى، أرض الهجرة، ودار الإيمان، وموطد السنة؛ في المكان الأعلى، والموطن الأسمى، هي بعد مكة سيدة البلدان, وثانيتها في الحرمة والإكرام, والتعظيم والاحترام، دارة المحاسن ودائرة الميامن, طيبة الغراء، وطابة الفيحاء، توسع العين قرة، والنفس مسرة، الفضائل فيها مجموعة, من مناقبها المأثورة وفضائلها المشهورة أنها محفوظة، مصونة، محروسة، محفوفة؛ ففضائلها لا تحصى، وبركاتها لا تستقصى([1]).

ومن هذه البركة أن خصّها الله بالاستشفاء, والتحرّز من الأوبئة والأدواء؛ حيث طهّرها الله من الحمى والوباء, وحماها من الطاعون؛ وأخرج من ثمارها ما فيه دواء وشفاء.

ولكن غلا أقوام في اعتقاد بركة المدينة، فطلبوا الاستشفاء بكل ما فيها؛ من حجر، وشجر، ومدر, وقبور وآثار, فجانبوا بذلك الحقّ والصواب.

ولما كان التداوي من الأسقام والعلل، الحسية والمعنوية, مما استحبه الشرع ورغّب فيه؛ حصل التعدّي على حدوده الشرعية، فوجب ضبطه وبيان حدوده؛ ومن ذلك الاستشفاء بالمدينة النبوية.

 

([1]) من مقدمة خطبة الشيخ صلاح البدير؛ بعنوان: (فضل المدينة وحرمتها) بتاريخ: 17/6/1424هـ.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإنّ الأنبياء عليهم السلام هم أشرف الخلق وأزكاهم، وأتقاهم لله وأخشاهم، ومقامهم مقام الاصطفاء والاجتباء، وواجب الخلق نحوهم التعزير والتوقير, والتأسي والاقتداء.

فالواجب أن يُحفظ لهم هذا المقام، وأن ينزهوا عن مدّ الألسن إليهم بالنقد والاتهام، والناس في هذا المقام أصناف:

  • منهم أهل التنزيه الذين صانوا قلوبهم وألسنتهم عن ثلب الأنبياء ولمزهم, وهم سلف الأمة وعدولها ومن اقتفى آثارهم من أهل السنة والجماعة.
  • وثمّة صنف من الخلائق مدت ألسنتها إلى الأنبياء بالعيب والتهم، فلم تدع نبياً -إلا ما ندر– لم ترمه بدعوى العيب والإثم، تريد بذلك انتقاصهم، والحطّ من أقدارهم، بل والطعن في القرآن الكريم الذي ذكر عنهم أحوالهم, وهم ملل الكفر ونحلهم على اختلافهم وتباينهم.
  • وصنف آخر لم يحمل في طويته نيّة انتقاص الأنبياء, ولكن زلّت به القدم, وعزب عنه الفهم, عند النصوص المشتبهات, فنسب جهلاً وغفلة النقص والكفر والشرك إلى الأنبياء عليهم السلام.

وإنّ المقصود في هذه الورقات, إبطال الشبه الواردة في مثل هذه النصوص المشتبهات, صوناً لدين الله من التحريف, وحفظاً لحق الأنبياء وما يتوجّب تجاههم من اعتقاد العصمة.