• الفلاتر

فإن توجيه البحوث والدراسات الأكاديمية والبحثية إلى قضايانا الوطنية والاجتماعية أمر ضروري وهام. وتزداد أهمية ذلك مع ظهور مشكلات ونوازل تتطلب سرعة التفاعل والتعاطي مع هذه القضايا . ووضع الدراسات والمقترحات لعلاج هذه المشكلات قبل أن تتفاقم وتتوسع وتزداد صعوبةُ إيجادِ الحلول لتلك المشكلات.

وقضية الأمن هي قطعاً المفصل في قضايانا الوطنية التي تتطلب التفاعل السريع والدائم معها كلٌ فيما يخصه ، وفيما هو منوط به تجاه ذلك الأمر.

والأمن الفكري بلا أدنى شك فرع رئيس من فروع الأمن المؤثر في المجتمع بشتى طوائفه، إذ بتوفر هذا النوع من الأمن تتوفر بقية مناحي الأمن الأخرى ؛ لأنه المؤثر الأول في السلوك الظاهر عند كل فرد، كما أنه الموجه لأقواله وأعماله . فهو – إذاً – يتطلب مزيداً من العناية.

ومجتمعنا في المملكة العربية السعودية مجتمع سمة الدين ظاهرة فيه ، ومؤثرة في توجهاته ، وهذا بفضل الله تعالى ، ثم بما التزمته قيادة هذا الوطن من تحكيم للشريعة ورجوع إليها في كل شئونها.

ومن هنا فإن استثمار الشريعة الإسلامية – عقائد وأحكام – في معالجة قضايانا الوطنية وخاصة قضية الأمن أمر في غاية الأهمية لأن الشرع – وبكل وضوح – يختصر مسافة الوصول إلى قلوب الناس وعقولهم. ويُحدث قناعات تحكم سلوكيات الناس ، وتقيد تصرفاتهم.

والأمن الفكري يرتبط كثيراً بالمجال الاعتقادي من الشريعة ، لأن منطلقاته الفكرية هي القلوب والعقول. ولأن الخلل في هذا الأمن هو بسبب الشبهات التي تعرض على القلوب والعقول فتغير الأفكار وبعد ذلك توجه السلوك .

والعلم بالمسائل الكلية , والتفصيلية ؛ المتعلقة بالأنبياء والرسل ؛ لا شك أنها مما يزيد الإيمان , ويثبت الاعتقاد , ويرفع اليقين .

ومسألة : الفرق بين النبي والرسول من الجهة الشرعية مما وقع فيه خلاف بين أهل العلم , قديما , وحديثا .

وقد حاولت في هذا البحث جهدي, وبذلت وسعيت؛ في جمع متفرقه, ولملمت شعثه, وآلفت متباينه؛ حتى خرج بهذه الصورة؛ التي أرجو أن تكون فيها الفائدة المرجوة, وأن يجد عند المولى الكريم القبول, إنه قريب مجيب .

والجرائم العقدية هي بلا شك من أعظم مفسدات الدين، فإن أول جناية وأعظمها للجرائم العقدية إنما تتوجه إلى الدين ، ثم يمتد الأثر حتى يأتي على باقي الضرورات.

ومن هنا عقدت العزم على كتابة هذا البحث الذي عنوانه : (الجرائم العقدية ونظام الإسلام في منعها « جريمة الردة أنموذجاً») أقف فيه إجمالاً على الجرائم العقدية وطرق علاجها، ثم أفصل القول في جريمة الردة مبيناً نظام الإسلام في منعها.

يتضمن البحث الحديث عن الشبهة التي قام عليها مذهب التعطيل، ونفت المعطلة لأجلها صفات الله تعالى، وهي: أن ظواهر نصوص الصفات يوهم التشبيه والتمثيل، فوجب حينئذٍ صرفها عن ظاهرها وتأويلها.

وقد تم رد هذه الشبهة من خلال خمس نقاط، وهي كالتالي:

-بيان أن ظواهر النصوص حق موافق لمراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم.

-بيان أن الاتفاق في الأسماء لا يلزم منه الاتفاق في المسميات.

-بيان المحاذير اللازمة لمن نفى الصفات بحجة أن ظاهرها يوهم التشبيه.

-بيان أن النفي المحض، لا يتضمن مدحاً ولا كمالاً.

-بيان أن إثبات الصفات لا يستلزم باطلاً.