• الفلاتر

والجرائم العقدية هي بلا شك من أعظم مفسدات الدين، فإن أول جناية وأعظمها للجرائم العقدية إنما تتوجه إلى الدين ، ثم يمتد الأثر حتى يأتي على باقي الضرورات.

ومن هنا عقدت العزم على كتابة هذا البحث الذي عنوانه : (الجرائم العقدية ونظام الإسلام في منعها « جريمة الردة أنموذجاً») أقف فيه إجمالاً على الجرائم العقدية وطرق علاجها، ثم أفصل القول في جريمة الردة مبيناً نظام الإسلام في منعها.

والعلم بالمسائل الكلية , والتفصيلية ؛ المتعلقة بالأنبياء والرسل ؛ لا شك أنها مما يزيد الإيمان , ويثبت الاعتقاد , ويرفع اليقين .

ومسألة : الفرق بين النبي والرسول من الجهة الشرعية مما وقع فيه خلاف بين أهل العلم , قديما , وحديثا .

وقد حاولت في هذا البحث جهدي, وبذلت وسعيت؛ في جمع متفرقه, ولملمت شعثه, وآلفت متباينه؛ حتى خرج بهذه الصورة؛ التي أرجو أن تكون فيها الفائدة المرجوة, وأن يجد عند المولى الكريم القبول, إنه قريب مجيب .

فإن توجيه البحوث والدراسات الأكاديمية والبحثية إلى قضايانا الوطنية والاجتماعية أمر ضروري وهام. وتزداد أهمية ذلك مع ظهور مشكلات ونوازل تتطلب سرعة التفاعل والتعاطي مع هذه القضايا . ووضع الدراسات والمقترحات لعلاج هذه المشكلات قبل أن تتفاقم وتتوسع وتزداد صعوبةُ إيجادِ الحلول لتلك المشكلات.

وقضية الأمن هي قطعاً المفصل في قضايانا الوطنية التي تتطلب التفاعل السريع والدائم معها كلٌ فيما يخصه ، وفيما هو منوط به تجاه ذلك الأمر.

والأمن الفكري بلا أدنى شك فرع رئيس من فروع الأمن المؤثر في المجتمع بشتى طوائفه، إذ بتوفر هذا النوع من الأمن تتوفر بقية مناحي الأمن الأخرى ؛ لأنه المؤثر الأول في السلوك الظاهر عند كل فرد، كما أنه الموجه لأقواله وأعماله . فهو – إذاً – يتطلب مزيداً من العناية.

ومجتمعنا في المملكة العربية السعودية مجتمع سمة الدين ظاهرة فيه ، ومؤثرة في توجهاته ، وهذا بفضل الله تعالى ، ثم بما التزمته قيادة هذا الوطن من تحكيم للشريعة ورجوع إليها في كل شئونها.

ومن هنا فإن استثمار الشريعة الإسلامية – عقائد وأحكام – في معالجة قضايانا الوطنية وخاصة قضية الأمن أمر في غاية الأهمية لأن الشرع – وبكل وضوح – يختصر مسافة الوصول إلى قلوب الناس وعقولهم. ويُحدث قناعات تحكم سلوكيات الناس ، وتقيد تصرفاتهم.

والأمن الفكري يرتبط كثيراً بالمجال الاعتقادي من الشريعة ، لأن منطلقاته الفكرية هي القلوب والعقول. ولأن الخلل في هذا الأمن هو بسبب الشبهات التي تعرض على القلوب والعقول فتغير الأفكار وبعد ذلك توجه السلوك .

الدعوة إلى التوحيد وحماية جنابه من الشرك ومن الذرائع الموصلة له من أهم واجبات الداعية إلى الله تعالى، وهي من أولى أولوياته, والاحتساب على المنكرات الظاهرة من الواجبات على الأمة الإسلامية, تأثم بتركه, ويسقط الإثم إذا قام به من يكفي على الوجه المشروع .

والاحتساب إعذار لله تعالى, وتبليغ الحق للمحتسب عليه, وبه كمال الدين, ولولا الله وحده ثم القيام بواجب الاحتساب لعمت الفوضى, وانتشرت الضلالة, واختلط الحابل بالنابل, ولما عُرف الحق من الباطل, ولا السنة ومن البدعة, ولا التوحيد من الشرك.

ومن أجل ذلك قمت بدراسة حديث أبي الهياج الأسدي رضي الله عنه, دراسة عقدية ودعوية, لأنفع نفسي أولاً , ومن يطلع عليه ثانياً, والله أسأل أن يوفقني ويسدد خطاي إنه سميع قريب مجيب الدعوات , وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..