إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بشيراً ونذيراً وهادياً إلى الصراط المستقيم، أما بعدُ:
فقد جعل الله لرسوله r أصحاباً، وأنصاراً، ودعاةً لدينه، وأمناء على وحيه، فبلغوا ونصحوا، وضحوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، وقد شهد القرآن الكريم بفضلهم وسابقتهم، فقال عز من قائل: ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﮊ [التوبة: 100].
وقال: ﮋ ﭑ ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮊ [الفتح: 29].
ونوَّه الرسول r بفضلهم على سائر القرون فقال: (خير أمتي قرني([1])، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)([2]).
ونهى عن سبهم لما لهم من الفضل، فقال r: (لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه)([3]).
والصحابة t مع هذا كله بشر، غير معصومين من الفتنة والوقوع فيها، وغير مُنزهين عن الخطأ، وقد أخبر الرسول r عن فتنة عظيمة بين بعض الصحابة y، وجعل قتل أحد الصحابة y وهو عمار بن ياسر t علامة على معرفة الفرقة الباغية المخطئة.
([1]) قرني: القرن: أهل كل زمان، والمقصود بالقرن: الجيل. فيقال جيل الصحابة وجيل التابعين أما من جهة الزمن فقيل: أربعون سنة، وقيل: ثمانون، وقيل: مائة سنة. ينظر: النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير الجزري (4/45)، مادة (قرن).
([2]) الحديث متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل أصحاب النبي r (ص 747)، رقم الحديث (3650)، ومسلم في صحيحه، فضائل الصحابة (ص 1111)، رقم الحديث (214).
([3]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل أصحاب النبي r، (ص 752)، رقم الحديث (3673).
فإن من الأصول المتفق عليها بين أهل الملل والأديان أن الله تعالى منزه عن الظلم، متصف بكمال العدل، وعلى هذا الأصل العظيم دلت محكمات النصوص، وصرائح العقول.
ومن الأصول المقررة أيضا أنه يمتنع غاية الامتناع أن يتعارض مع هذا الأصل العظيم أي نوع من أنواع المعارضة، لا نقلا، ولا عقلا.
هذا وقد جاء حديث شريف، موسوم عند العلماء بحديث الفداء، حوى مسائل عقدية مهمة، اقتضت أهميتها تتبعها ودراستها.
وزاد الأهمية تأكيدا أن هذا الحديث الشريف أُورد عليه إشكالات إلى حد الحكم بتضعيفه، أو تضعيف بعض ألفاظه، رغم وروده في صحيح مسلم؛ مما تطلب مزيد تأكيد على تفتيش حال الحديث، وتحقيق الكلام فيما دل عليه من معنى.
يضاف إلى الأهمية محاولة بعض الفرق الضالة الاستدلال به على بعض معتقداتهم الفاسدة.