• الفلاتر

    لقد كان لموقف الكنيسةِ من العلم والعلماء ونظرياتهم العلمية، أكبرُ الأثرِ في الصراع الذي حدث بين العلم والدين الكنسي في الغرب، -ولا زالت أوروبا تعاني منه حتى هذه اللحظة-؛ فالكنيسةُ جمدت عند النصوص التي لا صلة لها بالإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام، بل ضمنت الأناجيلَ المعتمدة لديها بعض النظريات والفلسفات التي تعارضُ العقول، وتناقض بعض النظريات العلمية، هذا في حين تفتحت أذهان الناس لكثير من المكتشفات والحقائق التي يدعمها البرهانُ العقلي، ويصدقُها الواقع الحسي.

الحمدُ لله الذي أكمل الدين وأتم النعمة، فله جل وعلا الثناء الحسن والمنة، وصلى الله على رسولِ الهدى والرحمة، الذي كشف به  سبحانهُ وتعالى الغمة، وأقام به الحجة، فتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك([1])، فعليه من ربه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وعلى من سار على نهجه واقتفى أثره واهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن الله تعالى رضي لنا الإسلام ديناً، ومحمداً r نبياً، الذي ما ترك عليه الصلاة والسلام أمته إلا وقد بيّن لها كل أمور دينها، فليس لأحد أن يشرّع، أو يستدرك، أو يزيد أو ينقص  مما شرعهُ اللهُ جل وعلا.

وقد سار الصحابة س على غايةٍ من الاتباع، لا يحيدون عن الكتاب والسنة، فسادوا العالم، ودانت لهم حصون فارس والروم، وما كان هذا ليرضي أعداء الله جل وعلا، فأخذوا في نشر كيدهم، وبث آرائهم، ليوهنوا في عضد الأمة، فعن طريقهم ثارت الفتنة، ووقعت الفرقة، ونشبت الحروب بين المسلمين، وما كيد اليهود والنصارى قديما وحديثا عن الذهن ببعيد، وقد أخبر تبارك وتعالى عن حقيقتهم فقال: ﭽ ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ  ﭙﭚ  ﭛ  ﭜ     ﭝ  ﭞ  ﭟ  ﭠﭡ  ﭢ  ﭣ  ﭤ  ﭥ  ﭦ  ﭧ   ﭨ  ﭩﭪ  ﭫ  ﭬ  ﭭ  ﭮ  ﭯ  ﭰ  ﭱ    ﭲ  ﭼ {البقرة: ١٢٠}.

وقد علم الأعداء، بل تيقنوا أن المسلمين في غايةٍ من القوةِ ما تمسكوا بدينهم، واتبعوا سنةَ نبيهم، لهذا لجأوا إلى محاربةِ هذا الدين وأهله، ومن أساليبهم لمحاربته، اتخاذهم من الدعوةِ لآل بيت النبوة ذريعة لنشر كيدهم، وتحقيق غاياتهم، فادعوا محبتهم، وتستروا بالانتصار لهم، وزعموا لأنفسهم أنهم من شيعتهم.

والتشيّع لآل البيت مر بمراحل، إذ لم يكن يتجاوز في بداية ظهوره المحبة - ومن ذا الذي ينكر حب آل البيت، وحقوقهم، وما يجب لهم؟!!!- إلى أن أصبح ستاراً لأهل الإلحاد والزندقة، وانقسم أهله حينئذٍ إلى طوائف عديدة، من أبرزها غلواً طائفة "الإسماعيلية" والتي لا تزال بأفكارها الباطنية حتى يومنا هذا، وإن ظهرت بمسميات أخرى، ومن أبرزها طائفة "الآغاخانية" ومن هنا رأيتُ أهمية الكتابة عن هذه الطائفة، ومما دفعني لذلك أيضاً الأمور الآتية:

  • ظن بعض المسلمين أن هذه الطوائف الباطنية لم يعد لها وجود في هذه الأزمنة.
  • ظهورها تحت مسميات جديدة مما جعل أمرها يلتبس على بعض الناس خاصة أنها تقدم في بعض الأحيان ما يكون في صالح المسلمين في البقاع التي تتواجد بها.
  • تصدي أتباع هذه الأفكار إلى إخراج التراث الإسماعيلي القديم والزعم أنه يمثل ويجسد الثقافة الإسلامية الصحيحة، وأن هذه الدعوة الباطنية تمثل ملجأ لكل مظلوم.
  • الخداع الذي تمارسه مؤسسات الآغاخان في هذه الأزمنة، وما تبذلهُ من مساعداتٍ اقتصادية واجتماعية، من أجل بسط سلطان هذه الطائفة ونشر فكرها.

 

([1]) أخرج ابن ماجه عن العرباض بن سارية، قال: (وعظنا رسول الله r موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع، فما تعهد إلينا؟ قال قد تركتكم على البيضاء؛ ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك...) سنن ابن ماجه، باب إتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين (20-21) حديث رقم (43). وقال الشيخ الألباني: صحيح. سنن ابن ماجه، الطبعة الأولى، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض.