يتضمن البحث الحديث عن الشبهة التي قام عليها مذهب التعطيل، ونفت المعطلة لأجلها صفات الله تعالى، وهي: أن ظواهر نصوص الصفات يوهم التشبيه والتمثيل، فوجب حينئذٍ صرفها عن ظاهرها وتأويلها.
وقد تم رد هذه الشبهة من خلال خمس نقاط، وهي كالتالي:
-بيان أن ظواهر النصوص حق موافق لمراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم.
-بيان أن الاتفاق في الأسماء لا يلزم منه الاتفاق في المسميات.
-بيان المحاذير اللازمة لمن نفى الصفات بحجة أن ظاهرها يوهم التشبيه.
-بيان أن النفي المحض، لا يتضمن مدحاً ولا كمالاً.
-بيان أن إثبات الصفات لا يستلزم باطلاً.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا وبعد:
فإن توحيد الله بالعبادة أول دعوة الرسل، وأول واجب على المكلف، وهو الذي خلق الناس لأجله، ولأجله أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، ولهذا صار من أعظم الواجبات على الناس معرفته، ومعرفة ما ينافيه؛ من أنواع الشرك الأكبر والأصغر، ولما كان الشرك الأصغر يخفى على كثير من المسلمين الموحدين؛ عزمت على كتابة هذا البحث لبيان تعريفه، وخطورته، وأشهر صوره التي ظهرت في هذا الزمان وأسميته: « الشرك الأصغر، وخطورته، والتحذير منه ».
احتاج أهل السنة والجماعة إلى نشر فضائل الصحابة رضي الله عنهم لمّا كثر الطعن فيهم من قبل الرافضة وغيرهم , وفي نشر هذه الأحاديث أبلغ ردّ على من طعن في الصحابة الكرام , بل عَدَّه أئمة الإسلام من السنة.
قال الإمام أحمد رحمه الله: « ومن السُّنَّة الواضحة الثابتة البينة المعروفة ذِكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين, والكفّ عن ذكر مساوئهم , والخلاف الذي شجر بينهم, فمن سبّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحداً منهم , أو تنقّصه أو طعن عليهم , أو عرّض بعيبهم , أو عاب أحداً منهم ؛ فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف , لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً , بل حبهم سنَّة , والدعاء لهم قربة , والاقتداء بهم وسيلة , والأخذ بآثارهم فضيلة » ([1]).
فإنَّ مناقشة مسألة « مؤاخذة الإنسان بجرم غيره عند أهل الكتاب » تعدُّ من الأهمية بمكان، لما سينتج عنها من هدم لأساس وركيز من أهم معتقدات وركائز النصرانية، الذي يعدُّه أهله عماد الإنجيل، والأساس الثاني في الدين؛ أعني بذلك: القول بصلب المسيح تكفيراً لخطايا البشرية، وهذا ما صرَّح به النصارى أنفسهم؛ حيث يقول القس فايز فارس؛ أحد علمائهم، في أثناء حديثه عن خطيئة آدم، وخلاص المسيح لها: « فلو أننا أزلنا من آدم هذه الوظيفة النيابية لهدمنا حقيقة جوهرية في كل نظام الفداء، وتدبير الله للخلاص، حسب ما هو مبين في الكتاب المقدس » ([1])، فانتفاء الصلب ومسبباته انتفاء وهدم للمسيحية(