فإننا في زمن ارتبط فيه الناس بالمصالح، واختلط المسلمون بالكفار في بلاد الكفر وبلاد الإسلام .
وحين يرى المسلم في هذا الزمن عودة كثير من المسلمين إلى الله، وانتماء كثير من شباب الأمة إلى التدين، وحب الالتزام بالكتاب والسنة وتحكيمهما، يفرح بذلك ويؤمل النصر القريب لأمة الإسلام على أعدائها.
لكننا حين نرى ما يحدثه كثير من شباب المسلمين في بلادهم أو في بلاد الكفر من تصرفات شائنة، كالتفجير والقتل والاغتيال، نحزن أيما حزن لأن ذلك سبب ظاهر في القضاء أو الإضعاف للدعوة إلى الإسلام .
وما هذا المسلك إلا لانهدام أساس مهم من أسس الالتزام بالكتاب والسنة وتحكيمهما، وهو كراهة ما يضادهما من البدع والضلالات واتباع الأهواء .
فالذي نشهده اليوم من تلك الأفعال هو نتيجة انهدام ذلك الأساس؛ حيث قد يتصور أصحاب ذلك المسلك أن فعلهم نصر للإسلام والمسلمين، وهو في الحقيقة هدم للإسلام وتقويض لوحدة المسلمين ، لأنه من أفعال الخوارج الذين كانت أفعالهم بداية اختلاف المسلمين وفرقتهم .
فما نسمعه من كثير من شباب الأمة عن أهمية تحكيم الكتاب والسنة، ورفض تحكيم القوانين المخالفة لشرع الله، ومعاداة من حكم بغير ما أنزل الله، كل ذلك أمر يتفق عليه المسلمون جميعاً . لكن ينبغي أن يكون ذلك مصحوباً بالأساس المهم، وهو كراهة ما يضاد تحكيم الكتاب والسنة من سلوك طرق البدع والضلالات واتباع الأهواء .
ولا شك أن الحكم بالكفر على من لم يثبت الحكم عليه، واستحلال دم المسلم أو المعاهد من غير حق، من أعظم تلك الضلالات التي تموج اليوم في العالم الإسلامي .
وقد يظن كثير من شباب الأمة أن ذلك من باب البراء من الكفار وجهادهم .
وربما علق بأذهانهم لتأييد هذا الظن شبهات ظنوا أنها دلالات؛ كفهم مسائل التكفير، أو مسائل الولاء والبراء، بعيداً عن فهم سلف الأمة لذلك.
ومن هذه المسائل فيما يظهر لي هذه المسألة، التي سألقي عليها الضوء بما يسر الله لي وهي ( تحديد بلد الكفر والتعامل مع الكافرين ) .