الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا وبعد:
فإن توحيد الله بالعبادة أول دعوة الرسل، وأول واجب على المكلف، وهو الذي خلق الناس لأجله، ولأجله أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، ولهذا صار من أعظم الواجبات على الناس معرفته، ومعرفة ما ينافيه؛ من أنواع الشرك الأكبر والأصغر، ولما كان الشرك الأصغر يخفى على كثير من المسلمين الموحدين؛ عزمت على كتابة هذا البحث لبيان تعريفه، وخطورته، وأشهر صوره التي ظهرت في هذا الزمان وأسميته: « الشرك الأصغر، وخطورته، والتحذير منه ».
إن دراسة المصطلحات الإسلامية من الموضوعات ذات الأهمية البالغة التي تتوجب العناية بها، ولا سيما فقد بُليت الأمة الإسلامية في الماضي والحاضر بفتنة الجناية عليها، وذلك بتحريف معانيها أو تبديلها بمفاهيم جديدة تحمل بين طيّاتها معان فاسدة، وآراء مشبوهة، تفتن المسلمين في عقيدتهم، وتلبّس عليهم الحق، وتُبعدهم عن الصواب، وتَنأى بهم عن الجادّة الحقّة.
ومن المعلوم « أن من أكبر مخططات أعداء الإسلام هو إضلال المسلمين من خلال ممارسة ما يسميه البعض بـ(حرب المصطلحات) فهي حرب حقيقية، بل هي أخطر الحروب التي تشنّ على المسلمين اليوم، فهي تشكل أدق مواقع الغزو الثقافي للأمة »([1]) .
فهذا بحث مختصر في ذكر الآيات الدالة على عذاب القبر، وما قاله العلماء في دلالتها على ذلك، والداعي لهذا البحث والمشكلة التي تدور حوله أنه قد أنكر بعض أهل البدع عذاب القبر،وكان من جملة حججهم على ذلك أن عذاب القبر لم يذكر في القرآن حيث لم يشر الله عز وجل له في كتابه الكريم، وهذه الحجة وإن كانت غير صحيحة،وعلى فرض التسليم بها ليست كافية في إنكار عذاب القبر حيث تواتر ذكره،وذكر أحكامه وأسبابه، وبيان أحوال أهله في السنة النبوية، والآثار المروية عن الصحابة والتابعين
سبق الفصل الأول والثاني في الجزء الأول - والعدد السادس من المجلة-