الحمد لله العزيز الجبار, الكريم المتعال, المتفرد بالوحدانية, المتصف بالصفات العلية, والصلاة والسلام على من بعثه الله هادياً ورحمة, محمد بن عبدالله خير البشرية, وأكرمها عند ربها, وعلى آله الطيبين الطاهرين, وعلى صحابته الغر الميامين, أولي المناقب المحمودة, والأفعال الرضية.
وبعد: فلاشك في أن للصحابة مكانة وهبهم الله إياها ليست لأحد من الأمة سواهم؛ لذا «فإن حب الصحابة فرض وواجب وهو من الموالاة الواجبة للصحابة، وهذا الحب يقتضي أشياء:
الأول: قيام المودة في القلب لهم.
الثاني: الثناء عليهم بكل موضع يذكرون فيه والترضي عنهم.
الثالث: أن لا تحمل أفعالهم إلا على الخير فكلهم يريد وجه الله عز وجل.
الرابع: أن يذب عنهم؛ لأن من مقتضى المحبة والولاية؛ بل من معنى المحبة والولاية النصرة، أن ينصرهم إذا ذكروا بغير الخير أو انتقص منهم منتقص، أو شكك في صدقهم أو عدالتهم أحد، فإنه واجب أن ينتصر لهم رضي الله عنهم»( ).
ومن هذا الباب كان إخراج هذه الرسالة المباركة, أسأل الله أن ينفع بها, ويغفر لمصنفها, ومن سعى في إخراجها.
أهمية الرسالة وأسباب اختيار الموضوع:
1- ضرورة الدفاع عن الصحابة الكرام , خصوصاً في هذا العصر الذي كثر فيه التطاول عليهم, وهو ما لم نعهده فيما مضى. «فالدفاع عن الصحابة والتأليف في ذلك من الجهاد، وخاصة في الأزمنة التي يكثر فيها أو يوجد فيها من يقدح في الصحابة أو في بعضهم، فإن من مقتضى الولاية أن ينصر الصحابة بالتآليف وبالرد وبالذب عنهم وببغض من يبغضهم»( ).
2- ظهور التنقص للصحابة من المحسوبين على أهل السنة( ).
3- قيمة الرسالة العلمية, حيث ظهرت في عصر كان للرفض فيه صولة وجولة( ), فهبَّ العلماء للدفاع عن الصحابة رضي الله عنهم؛ وكان من أبرزهم الحافظ السبكي رحمه الله.
4- رد زعم من يقول إن ابن تيمية وأتباعه الوهابية هم الذين يقفون ضد الروافض في هذا الموضوع وغيره, إذ أن صاحب المخطوط من الأشاعرة الذين وقفوا من السلفية موقف العداء.
5- عدم خدمة هذه الرسالة سابقاً, فلم تطبع استقلالاً, بل طبعت ضمن مجمع فتاوى السبكي مع تصحيفات كثيرة, ونقص في مواضع عدة.
6- وجود سقط في المطبوع قد يصل إلى سطر, وأحياناً إلى أكثر, وقد بين ذلك في مواضعه من الرسالة.
7- وجود بعض الكلمات في النسخة المطبوعة أدَّت إلى تغيير في الحكم وفي المعنى.