لقد كرم الله الإنسان بالعقل ، وفضله على كثير من خلقه ، وجعله مكلفاً ومحاسباً على أعماله إن خيراً فخير وإن شراً فشرّ .
ولكن بعض بني البشر يفرط في استخدام العقل ، ويخضع معايير المصالح والمفاسد لعقله ، ويربطها بمقدار المصالح الشخصية التي يكسبها ويتحصل عليها من خلال تصور نسبي أو ميل نفسي أو حدس شخصي .
ولقد طغت على كثير من المفاهيم تلك الإيديولوجيات التي تحدد معاير الصحة والصدق بمقدار ما تُحَقِّقُ من منافع ومكاسب. ومن تلك الإيديولوجيات : (البراجماتية)، حيث ظهرت كفكرة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي ، وإن كانت ، كتطبيق إنساني ، قد سبقت ذلك بمراحل ، كما هو الحال في أية نظرية أو تطبيق .
ولقد تغلغلت تلك الأيديولوجية في معظم شؤون الحياة ، وتبنى أفكارها كثيرٌ من المثقفين، وطبق نظريتها كثير من أبناء البشر .
ولكن هذه النظرية – من وجهة نظري – هي من الخطر بمكان ، إن لم نفرق بين أجزائها ، ونلقِ الضوء عليها، ونُزِلْ ما قد يقع في أذهان البعض من شبهات ، عندما يرى عباراتها المعسولة ونتائجها المقبولة ، ويغفل عن اللوازم المترتبة على ذلك ، ويتغاضى عن الطريقة التي سارت فيها ، لتصل إلى تلك النتائج .