المقدمة
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ، أما بعد :
فإن من نعم الله U العظيمة على الجزيرة – في هذا العصر- ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الإصلاحية، التي دعا فيها إلى عقيدة السلف والالتزام بكتاب الله وسنة رسوله r . ولقد ناصره الإمام محمد بن سعود وبايعه على نصرة الدعوة ونشرها وتطبيق الشريعة الإسلامية، فانضم إلى قوة الحجة والدليل والبرهان ، قوة السنان والسلطان، وإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن .
ومنذ ذلك الحين حمل آل سعود على عاتقهم مسؤولية نشر هذه الدعوة السلفية المباركة، فجاهدوا تحت لوائها ، وبذلوا النفس والنفيس في سبيلها، وعليها تأسست الدولة السعودية الأولى والثانية والمملكة العربية السعودية، وما زالوا – بحمد الله وعونه- سائرين على هذا المنهج القويم والعقيدة السلفية إلى زمننا هذا؛ عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله ورعاه - .
(( إن سير أئمة دعوة التوحيد هي في الواقع لوحة مضيئة ، تنضح بالصدق والإخلاص والإيمان بالله والعمل لمرضاته، وتجسد الحياة الإسلامية في صورة بهية ، تعطي من ذاتها القدوة الحسنة والسيرة الحميدة )) ([1]) .
ومن أئمة آل سعود والأعلام المبرزين الذين حملوا لواء نشـر الدعوة الإصلاحية والدفاع عنها : الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود – رحمه الله- ، الذي نشأ في مدرسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ، وشارك في تأسيس الدولة السعودية الأولى مع أبيه ، فاجتمعت فيه ملكات الإمارة ومواهبها ، مع سلفية في العقيدة ، ورسوخ في العلم، فكان أميراً ينصر الحق بقوة الحجة والبرهان ، مع السيف والسلطان.
لقد كان عهد الإمام محمد بن سعود عهد البيعة والنصرة والتأسيس، أما عهد ابنه الإمام عبدالعزيز فهو عهد الانطلاق والتوسع؛ فقد انطلق بحماس شديد وإخلاص في نشر الدعوة السلفية، وبذل في سبيلها النفس والنفيس، فبارك الله له في جهده وجهاده، فدانت له البلاد والعباد، واتسع ملكه من الخليج إلى الحجاز، ومن حدود العراق إلى عسير وتهامة وعمان.
تلك شخصية أحببت دراستها ، وإبراز جهودها في نشر العقيدة السلفية؛ في بحث عنوانه " جهود الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود في نشر العقيدة السلفية " ؛ (لأن من الدلائل التي تعرف بها عافية الأمة، ورجحان عقلها، ويقظة قلبها، ووعيها : موقفها من المؤسسين الأوائل لكيانها ونهضتها. فالأمة الحية المحترمة هي التي تنصف روادها وأئمتها وبُناتها وصانعي مجدها؛ تنصفهم بأن تذكرهم دوما كما يذكر المرء الوفي – بالحب والتقدير- والديه، ومعلميه، وذوي الفضل عليه؛ وتنصفهم بأن تحدد –دوما- المعاني والمبادئ الحية التي عاشوا من أجلها ، وماتوا في سبيلها . وتنصفهم بأن تعصم نفسها من مثلب الجحود، وتطهر روحها من الاستغراق في الحاضر وحده . وتنصفهم بأن تدعو لهم بالرحمة والمغفرة وحسن الثواب، وبأن تردد مع الخلف المؤمن الوفي :رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ [ سورة الحشر /10] ) ([2]) .
وقد اتبعت في كتابة هذا البحث منهج الاستقراء التاريخي مع التحليل، إلى جانب المنهج الوصفي والاستنباطي، ومراعاة القواعد والأصول العلمية المتبعة في البحث العلمي .
وقد قسمت البحث إلى مقدمة وتمهيد ومبحثين ، كالتالي :
- التمهيد ؛ ويشتمل على مطلبين ، هما :
المطلب الأول : الحالة الدينية والسياسية في نجد قبل قيام الدولة السعودية الأولى.
المطلب الثاني : نبذة عن حياة الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود.
- المبحث الأول : جهود الإمام عبدالعزيز في توضيح العقيدة من خلال بعض رسائله.
- المبحث الثاني: جهود الإمام عبدالعزيز في نشر العقيدة من خلال بعض أعماله.
- الخاتمة .
- الفهارس .
سائلاً المولى تعالى أن أكون قد وفقت فيما كتبت، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتبه
محمود بن عبدالرحمن قدح
تحريراً في المدينة 14/6/1429ﻫ
([1]) رسائل أئمة دعوة التوحيد (ص234-235)، صاحب السمو الملكي الدكتور/ فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز .
([2]) مقدمة معالي الدكتور عبدالمحسن بن عبدالله التركي (وزير الشؤون الإسلامية سابقاً) (ص5-6)، لكتاب الإمام محمد بن سعود دولة الدعوة والدعاة .