المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران:102]
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً[النساء:1]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً[الأحزاب:70، 71]
أما بعد فإن من الأمور التي وقع فيها الاختلاف حكمَ الاستغاثةِ بالنبي ﷺ وبغيره من الصالحين الموتى فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى؛ فمن الناس من ذهب إلى حِلِّها بل واستحبها وزعم أنها من أعظم القرب إلى الله تعالى وأَلَّف في تقريرها كالبكري الذي كفر شيخ الإسلام ابن تيمية وردّ عليه، وكالنبهاني الذي ألف شواهد الحق في الاستغاثة بسيِّد الخلق، وكالسُّبكي الذي ألف كتابه الموسوم (شفاء السقام في زيارة خير الأنام) وغيرِهم. ومن أهل العلم من ذهب إلى ردِّها وإبطالها. فرأيت الإسهام في توضيح هذه المسألة وبيان وجه الحق فيها.
ومن أبرز الكتب التي ألفت في هذه المسألة كتاب شيخ الإسلام الاستغاثة في الرد على البكري، وهو من أميز الكتب التي تناولت هذه المسألة فيما أحسب. ولأهمية هذا الكتاب ومكانته العلمية قام الحافظ ابن كثير بتلخيصه وترتيبه كما اعتنى الباحثون بتحقيقه.
أهمية الموضوع: إن دراسة موضوع الاستغاثة بالنبي ﷺ وبيان حكمها من أهم مباحث الدين ومطالبه وذلك لتعلُّق هذه المسألة بأصل الدين وأساسه الأعظم توحيد الله تعالى في ألوهيته الذي جاءت بدعوة الناس إليه جميع المرسلين كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [سورة الأنبياء الآية:25] وقال الله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ [سورة النحل، الآية: 36 ].
خطة البحث: جعلت البحث في مقدمة وثلاثة مطالب.
المقدمة وتشتمل على خطبة الحاجة، وأهمية الموضوع وخطة البحث.
المطلب الأول: تعريف الاستغاثة لغة واصطلاحاً والفرق بينها وبين الدعاء.
المطلب الثاني: حكم الاستغاثة بالنبي ﷺ.
المطلب الثالث: شبهات المخالفين.
والله المسئول أن ينفع به كما نفع بجهود علمائنا في هذه المسألة وأن يجعل عملي فيه خالصاً لوجهه الكريم.
وكتبه: محمد عبد الله مختار.