الرقية الشرعية، حقيقتها وضوابطها ومخالفاتها.

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

وبعدُ؛ فإذا كنا نعيش اليوم في عصر تفشي الأمراض المستعصية ـ الجسدية والنفسية ـ فإن الحصانة تكمن في الرقية الشرعية، تُربى عليها النفوس، وتعمر بها البيوت، ويُحصن بها الأولاد. وما انتشر القلق والاضطراب والأرق والاكتئاب، وكثر المس والسحر والعين إلا لما غفل كثير من الناس عن الله، وأهملوا أنفسهم عن الحصانة الشرعية.

وإذا كان التداوي مشروعاً، فيجب الحذر كل الحذر من الذهاب إلى المشعوذين والسحرة والدجالين، والكهنة والعرافين، الذين كثروا في هذا الزمان -لا كثرهم الله-، يُعدّون طلاسمَ وخرافاتٍ، وحروزًا وخزعبلات، يكذبون بها على الناس، ويوهمون أن فيها شفاءً، وهي والله الداء.

ونظراً لأهمية هذا الأمر في حياة الناس وتعلق الكثيرين بالبحث عن الدواء اخترت الكتابة في موضوع: الرقية الشرعية: حقيقتها وضوابطها ومخالفاتها.

ولقد توصلت في هذا البحث إلى مجموعة من النتائج، أهمها ما يلي:

  • الرقية الشرعية هي ما كان من الآيات القرآنية والأدعية المشروعة لطلب الشفاء.
  • الرقية الشرعية مشروعة ما لم يكن فيها شرك، فقد رقى رسول الله عليه الصلاة والسلام نفسه وغيره، وأقر الصحابة عليها.
  • الرقية الشرعية مندوبة في حق الراقي، وجائزة في حق المرقي، ومكروهة في حق المسترقي من جهة منافاتها كمالَ التوكل.
  • من الضوابط العامة للرقية الشرعية سلامة الاعتقاد والمقصد، وصدق التوكل على الله، واعتقاد أن النفع والضر بيد الله، مع بذل الأسباب من الدعاء والأوراد الشرعية.
  • يشترط في الراقي أن يكون مسلماً عدلاً نقياً، عالماً بطرق المعالجة بالرقية الشرعية.
  • يجوز أخذ الأجرة على الرقية الشرعية، مع مراعاة عدم استغلال حاجة الناس.
  • لا مانع من فتح عيادات متخصصة للرقية الشرعية للجنسين بالضوابط الشرعية، مع متابعة الحسبة والجهات الرقابية وجهات الاختصاص لعملها، لأجل التنظيم، ودرءاً للمتطفلين والجهلة والمشعوذين.
  • على المرقي أن يعتقد أن الشافي هو الله، وأن الرقية لا تنفع بذاتها، بل بإرادة الله، مع الحرص على صيانة الرقى، والبعد عن المعاصي، مع الصبر والاحتساب.

 

  • أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط: أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته، وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بإذن الله تبارك وتعالى.
  • الأصل مجانبة الرقية للشرك والبدع والخرافات، وكذلك المحرمات من الأقوال والأفعال التي يطلبها الراقي من المسترقي، أو أن تتضمن دعاء غير الله، أو استغاثة بالجن أو بالخلق فيما هو حق الله تعالى وحده. ولا تكون بعبارات محرمة، وتجارب فردية، وكتابات وطلاسم مجهولة، مع البعد عن الوقوع في المحرمات كالتبرج والخلوة المحرمة، وتعمد الرقية في أماكن النجاسات وغيرها.   
  • يجب مراعاة براءة الرقية من السحر الذي هو الاستعانة بالجن والشياطين بعد التقرب إليها بما يغضب الله تعالى أو تكون من كاهن أو عرّاف.