• الفلاتر

فإن من الأصول المتفق عليها بين أهل الملل والأديان أن الله تعالى منزه عن الظلم، متصف بكمال العدل، وعلى هذا الأصل العظيم دلت محكمات النصوص، وصرائح العقول.

ومن الأصول المقررة أيضا أنه يمتنع غاية الامتناع أن يتعارض مع هذا الأصل العظيم أي نوع من أنواع المعارضة، لا نقلا، ولا عقلا.

هذا وقد جاء حديث شريف، موسوم عند العلماء بحديث الفداء، حوى مسائل عقدية مهمة، اقتضت أهميتها تتبعها ودراستها.

وزاد الأهمية تأكيدا أن هذا الحديث الشريف أُورد عليه إشكالات إلى حد الحكم بتضعيفه، أو تضعيف بعض ألفاظه، رغم وروده في صحيح مسلم؛ مما تطلب مزيد تأكيد على تفتيش حال الحديث، وتحقيق الكلام فيما دل عليه من معنى.

يضاف إلى الأهمية محاولة بعض الفرق الضالة الاستدلال به على بعض معتقداتهم الفاسدة.

الهدف من البحث:

أردت في هذا البحث جمع خطب الخوارج، وبيان ما تضمنته من عقائدهم وفكرهم، دون أن أُدخل المناظرات التي كانت بينهم وبين علي وابن عباس – رضي الله عنهم – حتى لا يطول البحث.

المنهج في البحث:

-أخذت في هذا البحث بالمنهج الوصفي التحليلي ، كما أني اخترت الخطب التي تبين عقائد القوم وفكرهم، دون الخطب الوعظية التي لا يتبين بها.

  • ليس من مقصود البحث الرد على الخوارج، وإنما بيان عقائدهم وفكرهم، والموقف منهم.
  • قمتُ بالتخريج والحكم على الأسانيد، والإحالة إلى المصادر والمراجع، وبيان الغريب، والتعليق على ما يلزم.

ومضى المسلمون على ذلك صدراً من عصر الصحابة حتى بدا ظهور البدع، ونشأت الفرق التي انحرفت عن الصراط المستقيم، ومن هذه الفرق الصوفية والتي تدثرت بالزهد والعبادة والتنسك، مما كان لها الأثر السيء على عقيدة الأمة الإسلامية في المعتقد والسلوك، وأصبحت طرقاً متعددة لكل طريقة رسمها وشعارها، ومما تميزت به هذه الطرق «لباس الخرقة » فإن القاري لكثير من كتب الصوفية وتراجم رجالها ليستوقفه مقولة «أنه لبس الخرقة الصوفية من فلان » أو « أن فلاناً ألبسه الخرقة » ويرون لذلك مزية وفضيلة في مراتب الولاية والطريقة .

كما جعلوا لهذه الخرقة أنواعاً وآداباً، ولم أقف على دراسة تناولت الخرقة والمسائل المتعلقة بها فأحببت أن أكتب في هذا الأمر ببحث رأيت أن يكون عنوانه «الخرقة عند الصوفية عرض ونقد »

فإنَّ من المسائل المهمة التي تحتاج من وجهة نظري لإبراز ومزيد عناية ومناقشة مسألة موقف أهل الكتاب من اليهود والنصارى من قضية «النسخ»، التي من خلالها طعنوا في الإسلام، والقرآن، وما جاء به محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وأنكروا نبوته، ورموا ما جاء به بالتناقض والاضطراب.

قال المستشرق الألماني نولدكه في دائرة المعارف الاسلامية: « وكان همّ المفسرين المتأخرين التخلّص من المتناقضات العديدة الواردة في القرآن، والتي تصور لنا تدرج محمد في نبوته، إما بما عمدوا اليه من التوفيق فيما بينها، وإما بالاعتراف بأن الآيات المتأخرة تنسخ ما قبلها، وذلك في الآيات التي يشتدُّ فيها التناقض بين تلك الآيات »([1]).

ومن خلال هذه الدراسة سأبين –بإذن الله- موقف وعقيدة اليهود والنصارى في النسخ، ثم أناقش عقيدتهم من خلال كتبهم التي هم بها مقرون، وعنها ينافحون، وأجيب على أهم الشبهات التي طرحوها حول النسخ، وسأتكلم أيضاً عن النسخ وتعريفه، ووقوعه، وأهم حِكمه، وأهم ما يتناوله، وذلك كله في ضوء الإسلام، ووفق منهج علمي موضوعي، قائم على الدليل والبرهان، موثق الموارد قدر الإمكان.

 

([1]) دائرة المعارف الإسلامية ( 2 / 273 ).